البحث العلمى
يعيش الإنسان في وسط هذا العالم ضِمن مُجتمعات يشترك معها
في عوامل كثيرة من اللغة، والدين، والعادات، والتقاليد التي تُشكّل بدورها نسيجاً مُتجانساً
من هذهِ العوامل المذكورة. يتميّز الإنسان بأنّهُ ذو عقل وحِكمة، وهذه الحكمة هي التي
تؤدّي بدورها إلى وُجود نوع من الاحترام المُتبادل بينهُ وبين الآخرين، وهذا هوَ مدار
البحث في مقالنا هذا، حيث سنسلّط الضوء على أهميّة وجود الاحترام بين الناس، لما له
من آثار طيبة في كافة المجتمعات.
الاحترام هوَ من الصفات
الإيجابيّة التي تتصّف بها الشخصيّة الإنسانيّة تجاه الآخرين، وهوَ هذا الشعور الذي
نُبديه لمُستحقيه من كِبار السنّ مثلاً أو القادة وأولياء الأمور أو الأشخاص الناجحين
والموهوبين والمشهور لهُم بالفضل، والاحترام هوَ دليل المُجتمعات الراقية والسامية،
فالمُجتمع الذي تسوده أجواء الاحترام المُتبادلة هوَ مُجتمع رفيع وفي طريقه نحوَ التطوّر
والتقدّم بفضول هذا الخُلُق الرفيع الذي يتحلّى بهِ أبناؤه.
يصف تعدد الثقافات
الوجود أو القبول، أو التعزيز للتقاليد الثقافية المتعددة ضمن اختصاص واحد،
والذي يعتبر عادة بالثقافة المرتبطة بالجماعات العرقية. يمكن أن يحدث هذا التعدد الثقافي
عندما يتم إنشاء سلطة قضائية أو توسيعها عن طريق المناطق المدمجه بثقافتين او اكثرمن
كندا(مثل كندا الفرنسية وكنداالإنجليزية) أو عن طريق الهجرة من ولايات مختلفة من جميع
أنحاء العالم،(مثل كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، والعديد من
الدول الأخرى).
كماتختلف الأيديولوجيات والسياسات لهذه الثقافات المتعددة
اختلاف واسع، تتراوح مابين الدعوة إلى احترام متساوي لجميع الثقافات المختلفة في المجتمع،
وإلى سياسة التشجيع للحفاظ على التنوع الثقافي، بحيث تصل الى السياسات والسلطات التي
تخاطب الناس ذوي الجماعات العرقية والدينية المختلفة كما هو محدد من قبل المجموعة التي
ينتمون إليه.
تعززالتعددية الثقافية الحفاظ على التميز الذي يحصل بين الثقافات
المتنوعة والذي غالبا ما يختلف مع سياسات الاستيطان الأخرى مثل الاندماج الاجتماعي
والاستيعاب الثقافي والفصل العنصري. كما وصِفت التعددية الثقافية بأنها "صحن السلطة"(لانه
شبيه بالاختلاف الحاصل بالمجتمع) و"الفسيفساء الثقافية"
طورت السياسات والاستراتيجيات الحكومية المختلفة استراتيجيتين
مختلفتين وعلى ما يبدو انهماغير متناسقتين ايضا.بحيث تركز الاستراتيجيه الاولى على
على التفاعل والتواصل بين الثقافات المختلفة، وهذا ما يعرف بأسم التفاعل الثقافي. بينما
تركز الأخرى على التنوع والتفرد الثقافي الذي يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى التنافس
بين الثقافات.
تحمي العزلة الثقافية تفرد الثقافة المحلية لدولة أو منطقة
معينة كما تساهم أيضا في التنوع الثقافي العالمي.كما تتجنب العديد من السياسات التي
تتبع المنهجية الثانية تقديم اي قيم عرقية اودينية او ثقافية في المجتمع على انها قيم
رئيسية وهذا يعتبر جانب مشترك للعديد من السياسات.
تركز التعددية الثقافية على فكرة الفلسفة السياسية التي تدور
حول طريقة الإستجابة للإختلافات الثقافية والدينية.حيث انها ترتبط ارتباطا وثيقا مع
"سياسة الهوية"، و"سياسة الأختلاف"، و"سياسة الأعتراف".
كما ان للتعدديه اهمية في المصالح الاقتصادية والسلطة السياسية (موسوعة ستانفورد للفلسفة)على
الرغم من حقيقة أن التعددية الثقافية تستخدم كمصطلح رئيسي لتحديد الفئات المتضررة،
التي تشمل الأمريكيين من أصل أفريقي، المثليون والمثليات جنسياً، والمعوقين.كما يميل
الكثير من المنظرين في نقاشاتهم إلى التركيز على المهاجرين الذين ينتمون إلى الأقليات
العرقية والدينية كما تركز على الاقليات الدولية والسكان الأصليين.
يمكن أن تشيرالتعددية الثقافية إلى الحقائق السكانية(الديمغرافية)أوإلى
مجموعة معينة من الأفكار الفلسفية، أوتشيرإلى توجه معين من قبل الحكومة أو المؤسسات
تجاه مجموعة متنوعة من السكان.كما تدور معظم النقاشات حول التعددية الثقافية في ما
إذا كانت التعددية الثقافيه العامة هي الطريقة المناسبة أم لا للتعامل مع تنوع المهاجرين
وأندماجهم. الاعتراف في التعليم متعدد الثقافات هو مطلب ليس فقط للاعتراف في جوانب
الثقافة الفعلية للمجموعة ولكن أيضاهي مطلب لتاريخ المجموعة التبعية وخبرتها بأكملها.
لقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تختلف ثقافات الشعوب و الأمم
: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ
وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ – الروم (22) -" لكن
الباري تعالى ، ومع هذا الاختلاف ، حث الناس
أجمعين على التواصل والتعارف : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ
وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ – الحجرات (13) –" حتى يتم
ذلك التدافع الإيجابي تثاقفا وتعاونا على الخير وتكاملا عبر الزمان والمكان بالشكل
الذي يحافظ لكل أمة على خصوصيتها الثقافية
ويضمن صلاح الأرض والسلم واستمرارية الحياة الطيبة. "ولولا دفع الله الناس بعضهم
ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره
إن الله لقوي عزيز" – الحج 40 –
" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض." - البقرة 251-
ولقد أكدت الدول الأعضاء في اليونسكو(منظمة الأمم المتحدة
للتربية والثقافة والعلوم) في الدورة 31 للمؤتمر العام عام 2001، أنّ التنوع الثقافي
يشكل أحد جذور التنمية، وأنّ أهميته بالنسبة إلى الجنس البشري شبيهة بأهمية التنوع
البيولوجي بالنسبة للطبيعة. وفي 20 أكتوبر 2005 صادقت اليونسكو في مؤتمرها العام
33 على معاهدة حول احترام التنوع الثقافي .
وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك تعاون ولا تكامل بين الحضارات
دون احترام للخصوصيات الثقافية في تنوعها ، اعتبارا لما لهذه الخصوصيات
من صلة وثيقة بالتوازن والاستقرار النفسي للشعوب وبالنهوض والتنمية.
فكيف هو واقع احترام التنوع الثقافي اليوم ، وخاصة بعد ما
حولت العولمة عالمنا اليوم إلى قرية كونية، تتدفق فيها المعلومات من الدول الأقوى نحو
الدول الأضعف، وبعد ما أسفر سقوط الاتحاد السوفييتي عن نظام عالمي ذي قطب واحد تملي
فيه دولة واحدة إرادتها على العالم أجمع ؟
إن التعريف الذي اعتمده الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيغوفيتش
لمفهومي الثقافة والحضارة وجيه جدا في فهم تعامل الدول مع بعضها البعض في هذا المجال.
يرى الرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش أن: "الثقافة والحضارة
يعبر كل منهما عن عالم قائم بذاته؛ فكلمة ثقافة "culture" تتصل من ناحية الأصل اللغوي بـ"culte " وهي العبادة؛ أما كلمة حضارة civilisation فتتصل بكلمة وطن "civis" أو موطن. وحامل الثقافة هو الإنسان كفرد،
أما حامل الحضارة فهو المجتمع؛ وهدف الثقافة هو اكتساب القوة للتحكم في النفس من خلال
العلم، أما هدف الحضارة فهو اكتساب القوة للتحكم في الطبيعة من خلال العلم. والثقافة
معناها "الفن الذي سيكون به الإنسان إنسانا"؛ أما الحضارة، فتعني "فن
العمل والسيطرة وصناعة الأشياء صناعة دقيقة"؛ والثقافة هي الخلق المستمر للذات"،
أما الحضارة فهي "التغيير المستمر للعالم".
وهكذا تعيش الشعوب والدول تجاذبا دائما بين نوازع الثقافة
على مستوى الفرد واندفاعات الحضارة على مستوى الدول. وغالبا ما ينزع الاندفاع الحضاري
إلى الهيمنة والعدوان والسطو على ممتلكات الآخر حتى يتمكن من تحقيق مزيد من الإنتاج
والاستهلاك. ولهذا كان " تاريخ الإمبريالية ـ كما يقول علي عزت بيغوفيتش ـ سلسة
من القصص الحقيقية لشعوب متحضرة شنت حروبا ظالمة، إستئصالية واستعبادية على شعوب متخلفة
أقل تعليما، لم يكن لها من ذنب إلا أنها تدافع عن نفسها و حريتها. إن المستوى التعليمي
الراقي للغزاة؛ لم يؤثر على الأهداف أو الأساليب، لقد ساعد فقط على كفاءة الغزاة وفرض
الهزيمة على غيرهم."ل هذا الخُلُق الرفيع الذي يتحلّى بهِ أبناؤه.
لتنوع الثقافي على المستوى المحلي
ولا يفوتنا أن نشير كذلك إلى ضرورة احترام التعددية الثقافية
حتى على المستوى الداخلي للدول لما في ذلك من إغناء ثقافي للبلد ومن حفاظ على السلم
والاستقرار الداخليين.
وتجدر الإشارة بهذا الخصوص أنه قد تم ويتم في الولايات المتحدة
محو أهم الخصوصيات الثقافية للشعوب التي تنضم إلى المجتمع الأمريكي لإنتاج مواطن ينظر إلى العالم باعتباره حلبة صراع
بين أقوياء يبطشون بالآخرين ويفرضون إرادتهم بالقوة ، ومستضعفين خانعين ليس عليهم إلا
التكيف مع الأمر الواقع الذي خلقته إرادة الأقوياء.
أما بالنسبة للعالم الإسلامي فمعلوم أن الرقعة الإسلامية ن وخاصة العربية منها تتخللها
أقليات دينية وعرقية ومذهبية شتى ، من شيعة وإباضية وصابئة إسماعيلية على اختلاف فرقهم،
ومن مسيحيين على اختلاف تشكيلاتهم ، ومن أكراد ودروز وتركمان وأمازيغ على اختلاف توجهاتهم
، وغيرهم من التشكيلات الصغيرة ؛ ولقد شكل هذا التنوع غنى ثقافيا لا مواربة فيه. وغالبا
ما كان ، عبر التاريخ ، التسامح هو عنوان التعايش بين مختلف هذه الفئات ، بل والتعاون
والتكامل في مجالات شتى ، وعلى رأسها مقاومة الاستعمار. وبالتالي تعتبر المحافظة على هذا التنوع وتشجيعه
وجعله أساسا للنهوض من أوجب الواجبات.
غير أنه لا بد من الوقوف عند مستجد قد يجعل من التعدد الإثني
والمذهبي أخطر مدخل لاختراق الأمة وتفتيتها. فسعيا منها لاكتساب شرعية الوجود باعتبارها
إحدى الدول القومية ، عملت بعض الدول ولا زالت
تعمل على تصوير المنطقة على أنها مجموعة أقليات لا يجمعها تاريخ موحد ، وتاريخها الحقيقي
هو تاريخ كل أقلية على حدة .
وفي سنة 1995 عقد "مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط"
بالتعاون مع وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤتمرا تحت عنوان "إسرائيل والجماعات
العرقية والطائفية في العالم العربي"، حيث رأى أمسيا برعام أن على إسرائيل أن
تكون السند السياسي والإستراتيجي والمعنوي للأقليات؛ وأن تطور علاقاتها معهم وتساعدهم
على الانشقاق والتمرد. ويتأكد هذا السعي في
كتاب صدر سنة 2003 عن "مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا"،
تحت عنوان "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاق"
، حيث ورد:
"نحن شعب صغير، وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد
من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة
وتشخيص نقاط الضعف لديها. وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات العرقية والطائفية،
بحيث نسهم في تفخيم وتعظيم هذه النقاط، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو
احتواؤها". ولم تتردد "إسرائيل" في عقد تحالفات ـ السرية منها والعلنية
ـ مع الأقليات العرقية والطائفية في الوطن العربي أياً كانت طبيعة هذه الأقليات من
حيث الحجم والنوعية ، وحثها وتشجيعها على التعبير عن ذاتها والسعي للحصول على حق تقرير
المصير والاستقلال عن الدولة الأم .
وتجدر الإشارة بأن
إثارة الانقسامات الطائفية و"الحروب الأهلية" ، تلتقي مع مشروع المحافظين
الجدد الذين يرسمون دبلوماسية إدارة بوش ، الهادف إلى من خلال سياسة " الفوضى
البناءة" إلى إعادة ترتيب خارطة الشرق
الأوسط ، حيث يخطط لتقسيم الدول وتفتيتها. وفي خارطة الشرق الأوسط الجديد التي تم نشرها في يونيو 2006 بصحيفة القوات المسلحة ، تظهر الدول
مقطعة والحدود الدولية معدلة تبعا لخطوط التقطيع الإثني ، وفي الغالب ، تبعا لمصالح
عمالقة النفط البريطانيين والأمريكيين.
وكان، أحد قياديي العراق، طارق عزيز، قد قال متنبئا، في حوار
له مع بول بالطا Paul Balta، بصحيفة لوموند ليوم 17 أغسطس 1982 : "
لكي ينجح مخطط التفتيت هذا كلية، يجب استهداف حجر الزاوية في هذا البناء، ألا وهو العراق،
الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتوفر في نفس الوقت، على الماء والنفط، والذي يواصل
تنميته بكل إصرار. فيجب إذن أن يبدأ بزعزعة العراق، وهو ما يعمل له منذ أكثر من 20
سنة."
مفهوم حوار الثقافات
مفهوم حوار الثقافات يُعرفُ باللغةِ الإنجليزيّة بِـ (The
dialogue of cultures)، وأيضاً يطلقُ عليه مسمّى حوار الحضارات؛ وهو
عبارةٌ عن مفهومٍ يشيرُ إلى دور تعزيز الحوار بين ثقافات الشعوب المختلفة، ممّا يساهمُ
في بناءِ تبادلٍ ثقافيّ بين الشعوب. كما يُعرفُ حوار الثقافات، بأنّه عبارةٌ عن مشاركة
الأفكار، والآراء الثقافيّة المتنوّعة بين فئاتٍ شعبيّة، أو عرقيّةٍ، ويؤدّي ذلك إلى
فهمِ الاختلاف بين الثقافات، والعمل على تقريب الآراء معاً من خلال توضيح التقارب الثقافي
المبني على خصائص محددة، مثل: اللغات، والأخلاق، والتاريخ، والدين، وغيرها. شروط حوار
الثقافات وجود الاحترام المُتبادل: بين أطراف الحوار الثقافي، كشرطٍ أساسي من شروط
نجاح حوار الثقافات. تقدير الثوابت الفكريّة بين أطراف الحوار، واحترام الاختلاف في
الآراء. احترام الخصوصيّة الثقافيّة: بين أطراف الحوار، والتي تعتمدُ على فهم أن لكل
ثقافةٍ قيمٌ خاصةٌ بها لا يجوزُ تجاوزها، أو التعدي عليها بأي شكلٍ من الأشكال. تجنّبُ
إطلاق الأحكام المُسبقة: حول ثقافةٍ معيّنة، من خلال الاعتماد على تقييم أحد مظاهرها
الثقافيّة، مثل: الفنون، والأدب، وغيرها. فهم التأثر الثقافي الظاهر: عند الثقافات
التي اعتمدت على التبعيّة الثقافيّة، وخصوصاً التي كانت تعاني من الاستعمار السياسي،
أو الاقتصادي، أو الثقافي. أهداف حوار الثقافات بناء جسور من التواصل: الفعّال بين
الثقافات الشعبيّة والعالميّة المختلفة. المساهمةُ في منع اندلاع الحروب بين الدول:
من خلال الاعتماد على التقريب الثقافي، والفكري بين الشعوب. تعزيزُ دور التبادل الدبلوماسيّ
الثقافي بين الدول: ممّا يساهمُ على بناء ترابطٍ ثقافي عالمي. تقديمُ الدعم للتعاون
الاقتصادي: بصفته مجالٌ من المجالات الإنسانيّة التي تعتمدُ على وجودِ حوار ثقافي مستمر.
دعم دور الحوار الأخلاقي: القائم على ثابت الإيجابيّات بين الثقافات المشتركة، والسعي
لتجنّب السلبيّات الثقافيّة المُختلفة قدر المستطاع. مجالات حوار الثقافات يعتمدُ دعم
دور حوار الثقافات على مجموعةٍ من المجالات، وهي: المجال الثقافي الديني: هو من أهم
مجالات حوار الثقافات؛ إذ يعتمدُ على ضرورةِ التقريب بين الشعوب، والأفراد من الديانات
المختلفة عن طريق بناء علاقات قائمة على وحدةِ الفكر الثقافي الإنساني، وتجنّب أيّة
مظاهرٍ للعنصريّة الدينية التي تؤدّي إلى حدوث العديد من الكوارث بين الأفراد؛ بسبب
الاختلاف الديني. المجال الثقافي السياسي: هو المجالُ الذي يعتمدُ على تطوير العلاقات
السياسيّة بين الدول، من خلال الاستعانة بالخبرات السياسيّة الثقافيّة مثل: انتشار
فروعٍ للأحزاب السياسيّة بين دولِ العالم. المجال الثقافي الاقتصادي: هو وجودُ تقاربٍ
اقتصادي بين الدول عن طريق استقطاب فروعٍ للشركات متعددة الجنسيّات، ممّا يساهمُ في
تنوّع الثقافات، ودعم الاستثمارات الدوليّة المُشتركة، ومن الأمثلة على هذا المجال
من الحوار الثقافي: افتتاح فروع للمطاعم العالميّة بين دولِ العالم. المجال الثقافي
الاجتماعي: هو المجالُ الأكثرُ شموليّةً بين المجالات السابقة؛ إذ يهدفُ إلى الجمعِ
بين كل المجالات الثقافيّة، من خلال الاعتمادِ على دعمِ الحوارات الثقافيّة الدينيّة،
والسياسيّة، والاقتصاديّة.
حوار الأديان
حوار الأديان هو مصطلح يُشير إلى التفاعل، والبناء والإيجابي بين الناس من تقاليد
دينية مختلفة، ومعتقدات روحيّة، وإنسانيّة سواء كان ذلك على مستوى الفرديّة، والمؤسسيّة،
وهو يختلف عن التوفيق بين المعتقدات أو الدين البديل؛ حيث يتم في هذا الحوار تعزيز
التفاهم بين الأديان أو المعتقدات المختلفة لزيادة قبول الآخر، بدلاً من تجميع معتقدات
جديدة. اعتمدت بعض الحوارات بين الأديان في الآونة الأخيرة اسم interbelief،
في حين اقترح أنصار آخرين اسم الحوار interpath المدى، باستثناء الملحدين،
أيّ إنّ الحوار يكون بين الأديان السماويّة كالإسلام، والمسيحيّة، واليهوديّة، والهندوسيّة،
والبوذيّة، والبهائيّة، والأكنكار، والسيخيّة، والجاينيّة، والويكا، والتوحيديّة العالمية،
والشنتو، والطاوية، والثيليما، والتنريكيويّة، والزرادشتيّة التي تعمل من أجل راية
نشر مصطلحات سامية كالأمن، والسلم في هذا العالم، والحد من كل ما يؤدي إلى الحرب، الفقر،
وإهانة الكرامة الإنسانيّة، ويجب التفريق بين مصطلحات الحوار والدعوى؛ حيث إنّ كل مصطلح
يشمل شيئاً مختلفاً، ولا يجوز الخلط بينهما. حوار الأديان في الإسلام حث الإسلام بواسطة
كتابه القرآن الكريم الذي أُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الحوار مع أهالي
الديانات الأخرى وخاصّةً أهل الكتاب المسيح، واليهود، وذلك في قوله تعالى "قُلْ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ
نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً
أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"
[ آل عمران، 64 ]، وهناك شروط عديدة للحوار بين أصحاب الديانات المختلفة؛ كالدعوة إلى
رب السماوات والأرض بالحكمة، والموعظة الحسنة، والابتعاد عن العنف وكل ما يؤدّي له،
والتعصب لفريق معيّن على حساب فريق آخر، واستخدام العقل وجوهره في جميع الأمور، واعتماد
أساليب البرهان الذي يحق الحق، ويزهق الباطل، والإقناع أيضاً، والإيمان الكامل بالدين
ومبادئه الأساسيّة، والأهداف التي جاء بها، والتوسع باستخدام العلم في أمور الحياة
الدنيويّة والدينيّة، والحث على الاستقلالية في التفكير. وتوجد العديد من الوسائل الحواريّة
التي استخدمها نبيّ الأمة مع أهل الكتاب على وجه الخصوص؛ كأن يذهب إلى الأماكن التي
يتواجدون فيها من نوادي، وأسواق، وبيوت، وإرسال دعوات خاصة لهم للمجيء إلى الدور الإسلاميّة،
وأن يكتب إلى الزعماء، والقيادات العظمى منهم، وأن يحثهم على الذهاب إلى الجهاد، والتجهيز
للغزوة معه، واستخدام أسلوب المناقشة مع كبار العلماء منهم، والاطّلاع على الكتب الخاصة
بهم من أجل الاحتجاج عليها، وأن يقوم بقراءة وتلاوة كتاب الله أي القرآن الكريم على
مسامع آذانهم.
المراجع
[12] أورد هذا الكلام سيرج لاتوش في كتابه "تغريب العالم"
ص 72
[13] إدوارد سعيد،الإستشراق
ترجمة كمال أبوديب، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية.
[14] جريدة الستقلة من لندن،عدد.129
[15] صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسية الفرنسية،الدكتورة
مارلين نصر،مركز دراسات الوحدة العربية بيروت.1995
[16] العرب والغرب مقاربة ثقافية، ص24.
[17] إدوارد سعيد الإتشراف ص287.
[18] العرب والغرب مقاربة ثقافية ص24.
موقع اليونسكو على شبكة الانترنت
تعليقات
إرسال تعليق